أحد | اثنين | ثلاثاء | أربعاء | خميس | جمعة | سبت |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 |
8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 |
15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 |
22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 |
29 | 30 | 31 |
اختصاصات المحكمة الدستورية: حددت المادة 59 من الدستور اختصاصات المحكمة الدستورية كما اقرت المادة 4 من قانون المحكمة الدستورية هذه الاختصاصات، بحيث تختص المحكمة بأمرين، الأول يتمثل بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، والثاني فإنه يتمثل بتفسير نصوص الدستور.
اختصاصات المحكمة الدستورية
أولا : الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة:
يلاحظ هنا ان الدستور الاردني وقانون المحكمة الدستورية قد حصر اختصاص المحكمة بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وعليه وبمفهوم المخالفة فإن المحكمة لا تكون مختصة بنظر الطعون الدستورية حول مشاريع القوانين أو حول القوانين والأنظمة غير النافذة والتي لم تدخل حيز التطبيق بعد، وعليه فإنه ولغايات الطعن بأي قانون أو نظام لا بد أن يكون قد استوفى مراحله التشريعية حتى نشره في الجريدة الرسمية واستحقاق موعد سريانه المحدد بمتن ذلك القانون او النظام.
والجدير بالذكر أن الأردن سوف يكون على موعد قريب لتساؤلات عدة حول صلاحية المحكمة الدستورية في الرقابة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وللحقيقة فإن هذا التساؤل بحد ذاته هو مثار بحث مستقل، ولكن ولغايات شمولية هذه الدراسة فإنه سوف يتم رسم ملامح الاجابة على هذا التساؤل قدر الامكان.
أ - رقابة المحكمة الدستورية على المعاهدات والاتفاقيات الدولية:
1. الرقابة الدستورية على قانون تصديق المعاهدة
لغايات الاجابة على هذا المبحث فإنه لا بد لنا من التفريق ما بين المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تعقدها الاردن مع الدول أو المؤسسات والمنظمات الدولية الخارجية وما بين قانون التصديق على هذه المعاهدة. حيث يمكن استخلاص تعريف المعاهدة الدولية من نص المادة الثانية الفقرة (أ) من اتفاقية فينا التي تنص على أن : (المعاهدة تعني اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر كتابة ويخضع للقانون الدولي سواء في وثيقة واحدة أو أكثر ، وأيا كانت التسمية التي تطبق عليه).
أما قانون التصديق على المعاهدة ، فهو قانون داخلي يصدر سندا لنص المادة 31 من الدستور بعد مروره بمراحله الدستورية والتشريعية من موافقة مجلس الامة عليه وحتى نشره في الجريدة الرسمية واستحقاق موعد سريانه. وعليه فإن قانون التصديق على المعاهدة - أياً كانت هذه المعاهدة - فإنه كأي قانون داخلي يخضع حتما لرقابة المحكمة الدستورية وذلك في تدقيق مدى دستوريته، وعليه فإن أي قانون يصدر بالتصديق على معاهدة ما فإنه خاضع للطعن به أمام المحكمة الدستورية مثله مثل أي قانون آخر.
2- الرقابة الدستورية على المعاهدات الدولية
عند الحديث عن مدى صلاحية المحكمة الدستورية بالرقابة على المعاهدات الدولية التي يصادق عليها الأردن، فنكون عندها أمام حالة لبس قانونية، حيث أن نص المادة 59 من الدستور والمادة 4 من قانون المحكمة الدستورية قد نصا على أن الرقابة الدستورية تكون على القوانين والأنظمة النافذة، وهنا يثور التساؤل عن ما اذا سوف تعامل المعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الاردن معاملة القوانين الداخلية ، أم أن المحكمة الدستورية سوف تنأى بنفسها عن الرقابة على دستورية هذه المعاهدات.
حيث أن نص المادة 59 من الدستور والمادة 4 من قانون المحكمة الدستورية قد حصرا اختصاص رقابة المحكمة الدستورية على القوانين والأنظمة النافذة فقط، فهل ستعامل المعاهدة الدولية معاملة القوانين النافذة ! الاجابة تكمن بتوضيح كافة التوجهات المحتملة وتقسم هذه التوجهات إلى قسمين وفقا لما يلي:
التوجه الاول:
قد تنظر المحكمة في الطعن المقدم في دستورية المعاهدة بدون اي اشكاليات تذكر ودون اثارة أية موانع شكلية، وبذلك فإن المحكمة هنا سوف تعامل هذه المعاهدات معاملة القوانين النافذة وبصورة تلقائية، ونحن مع هذا التوجه خاصة أن قانون التصديق على المعاهدة - والذي يعتبر قانونا داخليا- مما يعني أنه خاضع بطبيعة الحال لرقابة المحكمة الدستورية، وبالتالي وحيث ان قانون التصديق ذاته خاضع للرقابة الدستورية مما يعني خضوع المعاهدة المصادق عليها بموجب هذا القانون للرقابة ايضا.
إن هذا التوجه يمكن دعمه من خلال النصوص الواردة في قانون التصديق على المعاهدة المطعون بها، خصوصا أن كافة قوانين المصادقة على المعاهدات تتكون غالبا من 3 مواد، وعادة ما تنص المادة الثانية على اعتبار الاتفاقية أو المعاهدة الملحقة بالقانون صحيحة ونافذة لجميع الغايات المتواخاة منها، كما يدعم هذا التوجه استخدام المشرع لعبارات تفيد أن المعاهدة المعنية هي جزء من القانون، وبالتالي وحيث أن القانون نفسه خاضع للرقابة مما يعني أن تلك المعاهدة التابعة له تخضع للرقابة الدستورية تبعا للأصل.
ومثال ذلك نص المادة 3 من قانون انهاء معاهدة التحالف الاردنية البريطانية رقم 6 لسنة 1957 والتي نصت على ( يعتبر الكتابان المتبادلان بين وزير الخارجية الاردنية وبين السفير البريطاني والاتفاق المالي الملحق بهما المرفقين بهذا القانون جزءا متمما له )[1]
مما سبق يتضح لنا انه وبنص القانون تعتبر المعاهدة جزءً لا يتجزأ من التشريع الداخلي، لا بل ان المعاهدة تعتبر قانونا داخليا وتعامل معاملة القانون الذي صادق عليها، وعليه فإن المحكمة الدستورية تكون مختصة بفرض رقابتها على هذه المعاهدات.
وإن كان ما ذكرناه سابقا يؤيد فرض رقابة المحكمة الدستورية على المعاهدات باعتبارها جزء من القانون والتشريع الداخلي، فإن الاجتهاد القضائي قد استقر في العديد من قراراته على أن المعاهدة وإن كانت تقدم عند التعارض على القانون الداخلي إلا أنها وبأي حال من الاحوال لا يمكن ان تسمو على الدستور، واستقر القضاء الاردني على الامتناع عن تطبيق اية معاهدة غير دستورية، وبذلك يمكن القول بان القضاء الاردني قد عرف نوعا خاصا من الرقابة الدستورية على المعاهدات وتتلخص هذه الرقابة بالامتناع عن التطبيق فقط دون أن يرتب أثارا قانونية توازي حكم المحكمة الدستورية صاحبة الصلاحية بالحكم بعدم دستورية المعاهدة وما يترتب على ذلك من اثار قانونية سوف يتم تفصيلها لاحقا.
إن الاخذ بهذا التوجه وهذا ما نصبوا اليه، سوف يتطلب بطبيعة الحال ان تكون المعاهدة مستوفية لشرط النفاذ الذي تطلبته المادتين 59 من الدستور والرابعة من قانون المحكمة الدستورية، وذلك يتحقق بنفاذ المعاهدة المطعون بدستوريتها داخليا، فلا يكفي للطعن بدستورية المعاهدة مجرد توقيع الاردن عليها، لا بل يجب أن تخضع هذه المعاهدة للاطر القانونية من مصادقة ونشر في الجريدة الرسمية ومن ثم استحقاق تاريخ نفاذها وفقا لقانون المصادقة عليها، وبذلك تعتبر المعاهدة نافذة وقابلة للتطبيق داخل اراضي المملكة الاردنية الهاشمية وبالتالي يمكن عندها الطعن بدستوريتها وفقا للأطر المحددة بموجب القانون.
التوجه الثاني:
نفترض هنا وفي هذا التوجه أن تحتجب المحكمة الدستورية عن التصدي لدستورية المعاهدات، وان تقيد نفسها بحرفية نص المادة 4 من قانون المحكمة الدستورية ونص المادة 59 من الدستور، والتي حصرت اختصاص المحكمة بالرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة، وبذلك قد تتمترس المحكمة الدستورية بأن المعاهدة لا تدخل ضمن مفهوم القانون والانظمة المذكورين في نص الدستور، وهذا ما قد يحرم النظام القضائي الأردني من حق الرقابة على دستورية المعاهدات.
الجدير بالذكر أن تبني هذا التوجه قد يتطلب من المحكمة الدستورية قبل ذلك ان تصدر قرارا تفسيريا لنص المادة 59 من الدستور؛ للفصل فيما اذا كانت المعاهدة تدخل ضمن نطاق "القوانين" المذكورة في نص المادة 59، أم أنها لا تعتبر ذلك، فإن كانت نتيجة التفسير هو شمول نص المادة 59 للمعاهدات فهذا سوف يعيدنا للتوجه الاول وبالتالي خضوع المعاهدات لرقابة المحكمة الدستورية، أما في حال ذهبت المحكمة الدستورية إلى غير ذلك واعتبرت ان لفظة "القوانين" المذكورة في المادة لا تشمل المعاهدات فإن ذلك سوف يقودنا للتوجه الثاني والذي يعني أن المحكمة الدستورية قد حجبت نفسها عن النظر في مدى دستورية المعاهدات.
وهنا قد يثور تساؤل في حال تبني المحكمة الدستورية لهذا التوجه عن مدى صلاحية المحاكم الاخرى بالامتناع عن تطبيق معاهدة كما كان الحال قبل التعديل الدستوري لسنة 2011، وهنا نرى أنه وفي ظل عدم استحداث نص مقيد فإن الاجتهاد القضائي يجب أن يبقى على حاله بحيث يجب أن تمتنع المحاكم الاردنية عن تطبيق اية معاهدة مخالفة للدستور وفقا لما استقر عليه الاجتهاد القضائي.
التوجه الثالث:
نفترض في هذا التوجه أن تُخضع المحكمة الدستورية بعض المعاهدات لرقابتها وتحتجب عن رقابة البعض الاخر، ويقتضي هذا التوجه أن تفرق المحكمة الدستورية ما بين المعاهدات والاتفاقيات كما فرق سابقا المجلس العالي لتفسير الدستور، وتفصيل ذلك كما يلي: عند تناول هذه النقطة الهامة في دراستنا، فإنه لا بد لنا من التعرض لنص المادة 33 من الدستور الاردني والتي نصت على:
"1. الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات .
2. المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ولا يجوز في أي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية"
وعليه وسندا لنص المادة 33 من الدستور سالفة الذكر فإن النظام القانوني الأردني قد استقر على مبدأ التفريق ما بين المعاهدة والاتفاقية، حيث أن القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1962[2] والصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور قد فرق ما بين لفظتي المعاهدة والاتفاقية، وقد خلص القرار إلى أن لفظة (معاهدات) الواردة في متن الدستور إنما تنصرف إلى معنى خاص بالاتفاقات الدولية الهامة ذات الطابع السياسي كمعاهدات الصلح ومعاهدات التحالف وما شابهها. اما ما تبرمه الدول في غير الشؤون السياسية فقد اصطلح الفقه الدولي على تسميته بالاتفاقية او الاتفاق، ولهذا فان الاتفاقات المعنية في هذه المادة هي الاتفاقات التي يكون طرفاها دولتان او اكثر وتتعلق بغير الشؤون السياسية .
كما ذهب القرار التفسيري إلى أن الاتفاقات المالية التي تبرمها الدولة مع أي شخص طبيعي او معنوي كالبنوك والشركات مثلا فهي غير مشمولة بحكم هذه المادة ولا يحتاج نفاذها الى موافقة مجلس الامة ولو كانت هذه الاتفاقات تحمل الخزانة شيئا من النفقات وبناء على ما تقدم، وحيث أن النظام التشريعي الاردني قد فرق ما بين الاتفاقية والمعاهدة وقد جعل من بعض المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزينة الدولة شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين خاضعة لرقابة مجلس الامة، فإن السؤال الذي يثور هنا، هل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي صادق عليها الاردن على اختلاف أنوعها وسواء كانت تشترط موافقة مجلس الامة أم لا، فهل تعتبر خاضعة لرقابة المحكمة الدستورية ؟
وبناء على ذلك وعلى فرض أن المحكمة الدستوري قد اخضعت المعاهدات الدولية لرقابتها وفقا لما تم تبيانه سابقا في التوجه الاول، فإنه قد يثور اشكال أمام المحكمة في إمكانية الرقابة على جميع أنواع المعاهدات والاتفاقيات، حيث أن المحكمة قد تفرق ما بين المعاهدات والاتفاقيات التي تخضع لموافقة مجلس الامة وما بين تلك التي لا تحتاج لمثل هذه الموافقة، وقد تخضع المحكمة الدستورية المعاهدات التي تتطلب موافقة مجلس الامة للرقابة، وقد تحتجب عن رقابة ما عدا ذلك من اتفاقيات ومعاهدات بحجة عدم حاجة تصديقها من قبل مجلس الامة وبالتالي عدم المصادقة عليها بموجب قانون خاص مما قد يعني عدم شمولها بنص المادة 59 من الدستور، ويبقى هذا التوجه وهذا التساؤل معلقا لحين مباشرة المحكمة الدستورية لمهامها واثارة هذه الاحتمالات امامها.
ثانيا: اختصاص المحكمة بتفسير نصوص الدستور:
نصت المادة 4/ب من قانون المحكمة الدستورية على منح المحكمة الحق بتفسير نصوص الدستور، ولكن ممارسة هذا الحق ليس مطلقا ولا يخضع للتقدير الذاتي للمحكمة الدستورية، وعليه فإن المحكمة الدستورية لا تملك حق التصدي للنصوص الدستورية وتفسيرها من تلقاء نفسها، بل يتوقف ممارسة المحكمة لهذا الاختصاص التفسيري على طلب خاص بالتفسير صادر عن مجلس الوزراء أو بقرار يتخذه أحد مجلسي الأمة بالأغلبية.
وبذلك فإن اختصاص المحكمة بتفسير الدستور هو اختصاص محدود وذو سقف لا يتعدى حدود ما ذكر في طلب التفسير الصادر عن مجلس الوزارء أو القرار المتخذ من أحد مجلسي الامة بالاغلبية، وهنا يمكن طلب التفسير بموجب قرار صادر عن مجلس النواب منفردا أو مجلس الاعيان منفردا، ويشترط لذلك أن يصدر القرار بالاغلبية، وسندا لنص المادة 84 من الدستور فإن الاغلبية في هذه الحالة تكون الاغلبية المطلقة، أي بأكثرية أصوات الاعضاء الحاضرين في الجلسة، والتي لا بد لانعقادها أن تكون جلسة قانونية مكتملة النصاب بحضور الاغلبية المطلقة للأعضاء المكونين للمجلس.
كما أن المحكمة تكون مقيده بحدود ما طُلب تفسيره من نصوص في متن القرار الصادر عن احد مجلسي الامة أو الطلب الصادر عن مجلس الوزارء، بحيث لا يمكن الاستطراد في التفسير ليشمل نصوصا لم يرد طلبا خاصا بتفسيرها. من ناحية اخرى وإن كانت المحكمة الدستورية مختصة في الرقابة على دستورية الانظمة والقانونين إلا أنها غير مختصة بتفسيرها، حيث أن قانون المحكمة ونص الدستور قد حصر اختصاص المحكمة التفسيري بتفسير نصوص الدستور فقط، وذلك لا يشمل القوانين والأنظمة الاخرى التي ينعقد صلاحية تفسيرها للديوان الخاص بتفسير القوانين سندا لنص المادة 123 من الدستور. إن نفاذ قانون المحكمة الدستورية يعني بطبيعة الحال انهاء عهد المجلس العالي لتفسير الدستور والذي يلغى حكما حال وضع قانون المحكمة الدستورية موضع التنفيذ، وذلك سندا لنص المادة 122 من الدستور
الملفات المرفقة | الحجم |
---|---|
hmd_bw_znt.png | 14.81 ك.بايت |